ولا تقتصر المتاعب على الموظفين فقط، بل إنها تصيب أيضاً الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة للاستمتاع بالألعاب سواء كان ذلك بواسطة الهواتف الذكية أو أجهزة الحاسوب أو حتى أجهزة الحاسوب المكتبية.
وأوضح فولفغانغ بانتير، رئيس رابطة الأطباء العاملين بالشركات والمصانع بمدينة كارلسروهه الألمانية، قائلاً "ينظر كثير من الأشخاص إلى أسفل أثناء استخدام الهاتف الذكي، وهذا يؤدي إلى تمدد عضلات الرقبة بشكل زائد على الحد".
ويمكن تجنب آلام الظهر والرقبة بصورة عملية، إذا تمكن المرء من إتاحة ظروف أفضل لقراءة رسائل البريد الإلكتروني في وقت لاحق. وأضاف بانتير أن من الأفضل أن يحاول المرء قراءة رسائل البريد الإلكتروني الطويلة على أجهزة الحاسوب المكتبية, إما إذا اضطر لقراءتها على الهاتف الجوا، فلابد من تغيير أوضاع الجهاز بحيث يتم رفعه أمام الوجه حتى تظل الرقبة في وضع قائم.
لكن هذا لا يعني بالضرورة أن أجهزة الحاسوب المكتبية تسبب متاعب أقل, فعلى مستخدم الحاسب المكتبي الحفاظ على وضع الجلوس المريح حتى يتجنب ظهور آلام بالظهر. وتنصح رئيس جمعية العلاج الطبيعي بمدينة كولونيا الألمانية أولريكه شتاين إيكه بأن يكون ارتفاع المكتب في مستوى ارتفاع الكوع و"هذا يعني أنه يتم وضع الساعدين على المكتب بشكل مريح".
وفي حالة استخدام المكتب من قبل عدة موظفين، فيجب أن يكون المكتب وشاشة الحاسوب قابلة للضبط من حيث الارتفاع، حتى يمكن ضبطهما بسهولة مع أطوال القامة المختلفة للموظفين.
"يمكن لأجهزة الحواسيب الشخصية أن تكون مفيدة لكبار السن، ويقول جورج إيكرت: غالباً ما يرتدي كبار السن نظارات بعدسات متغيرة البعد البؤري التي لا تتيح حدة إبصار جيدة في النطاق القريب إلا إذا تم النظر عبر الجزء السفلي من النظارة"
الصحة المهنية
وبصفة عامة كلما كانت هناك إمكانية لإمالة شاشة الحاسوب وتدويرها وتعديل ارتفاعها، كان ذلك أفضل للمستخدم. وتنصح ساشا فيشنيسكي، من المعهد الاتحادي للسلامة والصحة المهنية بمدينة دورتموند الألمانية، بعدم استخدام أجهزة الحواسيب الشخصية (لاب توب) بمهام العمل المكثفة.
ولكن إذا اضطر المستخدم لاستعمالها فمن الأفضل أن تكون مزودة بشاشة مطفأة, لأنها تسبب إجهاداً للعين بدرجة أقل من الشاشة العاكسة. وتقول الخبيرة الألمانية "لا تتناسب أجهزة لاب توب بشكل أساسي مع الاستخدام في العمل فترات طويلة نظراً للارتباط الوثيق بين الشاشة ولوحة المفاتيح".
وبالمقابل يمكن لأجهزة لاب توب أن تكون مفيدة للأشخاص كبار السن. ويقول جورج إيكرت من رابطة أطباء العيون بمدينة دوسلدورف "غالباً ما يرتدي كبار السن نظارات بعدسات متغيرة البعد البؤري التي لا تتيح حدة إبصار جيدة في النطاق القريب إلا إذا تم النظر عبر الجزء السفلي من النظارة" وعند استخدام أجهزة لاب توب يضطر المستخدم للنظر لأسفل, لذلك فإن هذه الأجهزة تكون أكثر راحة وسهولة لكبار السن.
ويجب أن يتميز المقعد أيضاً بنفس المرونة الواجب توافرها بالمكتب وشاشة جهاز الحاسوب. وتقول أولريكه إنه لابد أن يتمتع المقعد بإمكانية تعديل الارتفاع وضبط ميل وسادة الجلوس ومسند الظهر، بالإضافة إلى إمكانية تغيير وضع ضبط مساند الأذرع, ويتمكن المستخدم من الوصول لوضع الجلوس الصحيح عندما تكون الأقدام مرتكزة بثبات على الأرض وتكون الركبة بوضع منخفض بعض الشيء عن الخصر، ويكون الفخذ مائلاً للأمام قليلاً.
ضرورة الوقوف
ولكن الحفاظ على وضع الجلوس المريح وحده لا يكفي للتخلص من آلام الظهر والرقبة، حيث تؤكد ساشا فيشنيسكي أن النظام العام للعمل من الأمور المهمة للتخلص من هذه المتاعب المرتبطة بالعمل لساعات طويلة أمام شاشات الحاسوب.
وتنصح ساشا فيشنيسكي الموظفين بضرورة الإكثار من الحركة أثناء العمل، مثل ضبط المكتب على وضع يتيح للموظف العمل أثناء الوقوف, وهناك بعض الحيل البسيطة التي تساعد في المواظبة على الحركة أثناء دوام العمل ومنها إجراء المكالمات الهاتفية أثناء الوقوف، كذلك وضع الطابعة على مسافة بعيدة من المكتب.
وهناك بعض الوسائل البسيطة التي تتيح للمستخدم التخلص من أعراض الشد والتوتر بالأيدي بسبب استعمال الفأرة ولوحة المفاتيح ساعات طويلة, ومن خلال طريقة الاستخدام التقليدية يتم تهييج العصب الذي يمر بشكل سطحى نسبياً بين حدود المعصم والرسغ. ولذلك تحذر أولريكه من أنه قد يؤدي هذا الوضع إلى حدوث متلازمة "ذراع الفأرة" التي تكون مصحوبة باضطرابات طفيفة في درجة الحساسية، قد تصل في بعض الأحيان إلى حالة "شلل بسيط" وتعمل مساند اليد على تجنب حدوث ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك يتعين على المستخدم مراعاة اتجاه المكتب حتى يتم الحفاظ على العين، وتنصح أولريكه بأن يتمكن المستخدم من تجنب الانعكاسات وحالات الإبهار عن طريق وضع مصدر الإضاءة على الجانب.
ومع ذلك فإن التحديق المستمر في شاشة الحاسوب يمكن أن يسبب مشكلات دائمة, لأن طبقة الدموع الواقية لا يتم توزيعها بشكل كافٍ، وهو ما يؤدي إلى حدوث تهيج والتهابات الملتحمة.
ولتجنب حدوث ذلك يتعين على المستخدم التجول بناظريه في جميع أرجاء الغرفة أثناء العمل أو الاستمتاع بألعاب الحاسوب, ويقول طبيب العيون إيكرت إن الهواء الطلق يعمل على تعزيز عملية إنتاج الدموع، لذلك يتوجب على المستخدم الوقوف بضع دقائق أمام الباب إذا كان ذلك ممكناً.